شعرگرام - پایگاه شعر و ادب پارسی
۲ - النوبة الثانیة
رشیدالدین میبدی
رشیدالدین میبدی( ۵۱- سورة الذاریات‏ )
77

۲ - النوبة الثانیة

قوله: وَ مِنْ کُلِّ شَیْ‏ءٍ خَلَقْنا زَوْجَیْنِ، من الحیوان الذکر و الانثى، الذکر زوج و الانثى زوج و من الجماد نوعین مختلفین کالسماء و الارض و الشمس و القمر و اللیل و النهار و البر و البحر و السهل و الجواب و الشتاء و الصیف و النور و الظلمة و الایمان و الکفر و السعادة و الشقاوة و الحق و الباطل و الحلو و المرّ و قیل التلقیح للنخیل و التسمید للزرع و لکل ضرب من النبات تدبیر یقوم مقام التزویج الذى بین الحیوان لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ فتعلمون انّ اللَّه فرد وتر لیس کمثله شى‏ء فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ، القول هاهنا مضمر تأویله فقل: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ اى فاهربوا من عذاب اللَّه الى ثوابه بالایمان و الطاعة و مجانبة العصیان. و قال ابن عباس: فرّوا منه الیه و اعملوا بطاعته. و قیل فرّوا من الجهل الى العلم و من طاعة الشیطان الى طاعة الرحمن، إِنِّی لَکُمْ مِنْهُ نَذِیرٌ مُبِینٌ، مِنْهُ، اى من العذاب، نَذِیرٌ مُبِینٌ و یحتمل انّ قوله منه صلة لنذیر اى انّى لکم نذیر من عند اللَّه و قیل فى الایة تقدیم و تأخیر تقدیره: «ففروا الى اللَّه منه، انى لکم نذیر مبین».
وَ لا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ إِنِّی لَکُمْ مِنْهُ نَذِیرٌ مُبِینٌ التکرار على تأکید التوبیخ و هو ابلغ فى الوعید و قیل الاول متصل بالمعصیة و الثانى بالشرک و اذا اختلفا لا یکون تکرارا، کَذلِکَ، اى کما کذّبک قومک و قالوا ساحر او مجنون، کَذلِکَ ما أَتَى الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ قال اللَّه تعالى: أَ تَواصَوْا بِهِ، الالف للتوبیخ و المعنى اوصى اولهم آخرهم و اوصى بعضهم بعضا بالتکذیب و تواطئوا علیهم، بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ اى متجاوزون الحد فى العصیان اى لم یتواصوا و لکن اتّفقوا فیما اوجب ذلک و هو الطغیان.
فَتَوَلَّ عَنْهُمْ منسوخ بآیة السیف و قیل منسوخ بالاقبال علیهم بالموعظة، و هو قوله: بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَیْکَ مِنْ رَبِّکَ، و معنى الایة: «فاعرض عنهم فما انت بملوم» فقد ادّیت الرسالة و ما قصّرت فیما امرت. قال المفسّرون لمّا نزلت هذه الایة حزن رسول اللَّه (ص) و اشتدّ ذلک على اصحابه و ظنّوا انّ الوحى قد انقطع و انّ العذاب قد حضر اذ امر النبى (ص) ان یتولّى عنهم فانزل اللَّه عز و جل: وَ ذَکِّرْ فَإِنَّ الذِّکْرى‏ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِینَ فطابت انفسهم. قال مقاتل: اى عظ بالقرآن کفّار مکة، فانّ الذکرى تنفع من فى علم اللَّه ان یؤمن منهم، و قال الکلبى: عظ بالقرآن من آمن من قومک فان الذکرى تنفعهم.
وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ لیست هذا الکلام بکلمة الارادة لو اراد اللَّه من خلقه کلّهم و شاء منهم توحیده لوحّدوه، انّما تأویل الحرف اعنى اللام لآمرهم ان یعبدونى و ادعوهم الى عبادتى. ثم امرهم بالعبادة و دعاهم الیها فقال تعالى: یا أَیُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّکُمُ و قال تعالى: وَ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ لا تُشْرِکُوا بِهِ شَیْئاً ثم خصّ الانبیاء من الخلق. فقال تعالى: وَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِکَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِی إِلَیْهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ثم خصّ المصطفى محمدا (ص) من بین الانبیاء فقال: بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَ کُنْ مِنَ الشَّاکِرِینَ. و هذا
قول على بن ابى طالب (ع) یؤیّده قوله عز و جل: وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِیَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً.
و قال الکلبى و الضحاک هذا خاص لاهل طاعته من الفریقین یدلّ علیه قراءة ابن عباس و ما خلقت الجن و الانس من المؤمنین الا لیعبدون ثم قال فى آیة اخرى لغیر المؤمنین: وَ لَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ کَثِیراً مِنَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ و قیل معناه و ما خلقت السعداء من الجن و الانس الا لعبادتى و الاشقیاء الا لمعصیتى و هذا معنى قول زید بن اسلم قال هم على ما جبلوا علیه من الشقاء و السعادة و قیل لم یخلقهم لعبادة خلق جبلّة و اجبار و انّما خلقهم لها خلق تکلیف و اختبار فمن وفّقه و سدّده اقام العبادة التی خلق لها و من خذله و طرده حرمها و عمل بما خلق لها کقول النبى (ص): اعملوا فکلّ میسّر لما خلق له‏ و قیل معناه ما خلقت الجن و الانس الا لیکونوا عبادا لى و مثله قوله: إِنْ کُلُّ مَنْ فِی السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ إِلَّا آتِی الرَّحْمنِ عَبْداً و قال مجاهد معناه الا لیعرفونى و لو لم یخلقهم لم یعرف وجوده و توحیده. دلیله قوله: وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَیَقُولُنَّ اللَّهُ و قیل معناه الا لیخضعوا لى و یتذلّلوا و معنى العبادة فى اللغة التذلّل و الانقیاد و کلّ مخلوق من الجن و الانس خاضع لقضاء اللَّه متذلّل لمشیّته لا یملک احد لنفسه خروجا عما خلق علیه.
ما أُرِیدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ اى ما ارید منهم ان یرزقوا احدا من خلقى و لا ان یرزقوا انفسهم، وَ ما أُرِیدُ أَنْ یُطْعِمُونِ معناه ان یطعموا احدا من خلقى و انّما اسند الطعام الى نفسه لانّ الخلق عیال اللَّه و من اطعم عیال احد فقد اطعمه کما جاء فى الحدیث یقول اللَّه تعالى: استطعمتک فلم تطعمنى اى لم تطعم عبدى. ثمّ بیّن انّ الرازق هو لا غیره فقال: إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ، لجمیع خلقه النفّاع لغیره لا ینفعه شى‏ء، ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِینُ ذو الاقتدار الشدید اى غالب لا یغلب و قاهر لا یقهر و قادر لا یعجز و قیل معنى ذُو الْقُوَّةِ، اى القوّة التی یتقوّى بها جمیع خلقه له.
فَإِنَّ لِلَّذِینَ ظَلَمُوا ذَنُوباً، هذه ایضا معطوفة على قوله: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ اى للذین کفروا من اهل مکّة حظّا و نصیبا من العذاب مثل ما کان للامم قبلهم و اصل الذنوب الدلو العظیم. قال الشاعر:
لکم ذنوب و لنا ذنوب
و ان ابیتم فلنا القلیب‏
قال الزجّاج لا تسمى الدلو ذنوبا الا اذا کانت ملى‏ء و قیل اذا انحدر فهو دلو و اذا ارتفع فهو ذنوب و سجل لانها فى الانحدار فارغة و فى الارتفاع ملى‏ء و قیل معناه عذابا بعد عذاب کالدلو یتبع الدلو، فَلا یَسْتَعْجِلُونِ هذا جواب للنضر بن الحرث و اصحابه حین استعجلوا العذاب فلحقهم یوم بدر.
فَوَیْلٌ لِلَّذِینَ کَفَرُوا مِنْ یَوْمِهِمُ الَّذِی یُوعَدُونَ یعنى من عذاب یوم القیامة و قیل یوم بدر.