شعرگرام - پایگاه شعر و ادب پارسی
۲ - النوبة الثانیة
رشیدالدین میبدی
رشیدالدین میبدی( ۵۰ - سورة ق‏ )
77

۲ - النوبة الثانیة

قوله: وَ جاءَتْ سَکْرَةُ الْمَوْتِ، اى غمرة الموت و شدته الى ان تغشى الانسان و تغلب على عقله بِالْحَقِّ یعنى ببیان ما یصیر الیه الانسان بعد موته من جنة او نار و قیل بِالْحَقِّ، اى بامر اللَّه و حکمه الذى عمّ به جمیع الاحیاء و قیل بما یؤل الیه الامر من السعادة و الشقاوة.
روى انّ ابا بکر الصدیق لما احتضر قالت عائشة: شعر:
لعمرک ما یغنى الثّراء عن الفتى
اذا حشرجت یوما و ضاق به الصدر
فقال ابو بکر: یا بنیّة لا تقولى ذلک و لکن قولى کما قال اللَّه عز و جل: وَ جاءَتْ سَکْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ. ذلِکَ اشاره الى الموت، ما کُنْتَ مِنْهُ تَحِیدُ اى تکره ذکره و تستبعد وقوعه و المعنى فاستعدّ له.
قوله: وَ نُفِخَ فِی الصُّورِ، یعنى نفخة البعث، ذلِکَ یَوْمُ الْوَعِیدِ اى ذلک الیوم یتحقق فیه الوعید.
وَ جاءَتْ کُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَ شَهِیدٌ السائق و الشهید هما المتلقّیان یسوق الکافر سائقه الى النار و یشهد الشهید علیه بمعصیته، و یسوق السائق المؤمن الى الجنة و یشهد الشهید علیه بمعصیته و یشهد الشهید له بطاعته. و قال ابن عباس و الضحاک: السائق من الملائکة و الشهید من انفسهم الا یدى و الا رجل فیقول اللَّه تعالى: لَقَدْ کُنْتَ فِی غَفْلَةٍ مِنْ هذا الیوم فى الدنیا، فَکَشَفْنا عَنْکَ غِطاءَکَ الذى کان فى الدنیا على قلبک و سمعک و بصرک. الغطاء الستر غطاه و غطّاه ثقیلا و خفیفا.
قال الشاعر:
على الشمس الطلوع فان غطاها
سلام قبل معذرتى سلام
و ان لم آت ما فیه ملام‏
غمام فالملیم هو الغمام‏
فَبَصَرُکَ الْیَوْمَ حَدِیدٌ اى حادّ هذا کقوله: أَسْمِعْ بِهِمْ وَ أَبْصِرْ یَوْمَ یَأْتُونَنا، و المعنى بصرک الیوم نافذ تبصر ما کنت تنکر فى الدنیا. و قیل اراد بالبصر العلم اى علمک الیوم نافذ فى البعث علم حین لم ینفعه العلم و ابصر حین لم ینفعه البصر.
و قال ابن زید: لَقَدْ کُنْتَ فِی غَفْلَةٍ مِنْ هذا خطاب للنبى اى کنت قبل الوحى فى غفلة من هذا العلم، فَکَشَفْنا عَنْکَ غِطاءَکَ بما اوحینا الیک، فَبَصَرُکَ الْیَوْمَ حَدِیدٌ یعنى فعلمک ثاقب نافذ، و هذا کقوله: ما کُنْتَ تَدْرِی مَا الْکِتابُ وَ لَا الْإِیمانُ.
وَ قالَ قَرِینُهُ، هذا القرین هو الملک الموکّل به، هذا ما لَدَیَّ عَتِیدٌ معدّ محضر، یعنى عمله الذى یشهد به فان کان العبد من اهل الایمان و الجنة احضر کتاب حسناته لانّ سیئاته قد کفّرت، و ان کان من اهل الکفر و النار احضر کتاب سیئاته لان حسناته حبطت بکفره. و قال مجاهد: یقول هذا الذى وکّلتنى به من ابن آدم قد احضرته و احضرت دیوان اعماله فیقول اللَّه لقرینه: أَلْقِیا فِی جَهَنَّمَ، فى هذه الکلمة وجهان احدهما: انه امر الى الملکین السائق و الشهید و هذا الوجه اظهر. و الثانى: انه امر لواحد و هو کلام عربى، یقولون خلیلىّ و صاحبىّ و منه قوله: قفا نبک. و قال امرؤ القیس:
خلیلىّ مرّ ابى على امّ جندب
لنقضى حاجات الفؤاد المعذّب‏
الم تر انّى کلّما جئت طارقا
وجدت بها طیبا و ان لم تطیّب‏
فثنّى فى البیت الاول و وحّد فى البیت الثانى. کُلَّ کَفَّارٍ مبالغ فى کفره عَنِیدٍ معاند یعرف الحق فیجحده و العناد اقبح الکفر.
مَنَّاعٍ لِلْخَیْرِ، یعنى یمنع الزکاة المفروضة و کلّ حق اوجبه اللَّه فى ماله، فعلى هذا الخیر المال و قیل الخیر الاسلام و المراد به الولید بن المغیرة، کان یمنع بنیه و بنى اخیه و لحمته من الاسلام، مُعْتَدٍ، یظلم الناس بلسانه و یده مُرِیبٍ اى.
داخل فى الریب و قیل هو الذى اتى الریبة، الَّذِی جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَأَلْقِیاهُ فِی الْعَذابِ الشَّدِیدِ الاول امر بالالقاء فى النار و الثانى بالالقاء فى العذاب الشدید.
قالَ قَرِینُهُ، یعنى الشیطان الّذى قیّض لهذا الکافر یدعوه الى الضلالة، رَبَّنا ما أَطْغَیْتُهُ و ذلک انه اذا القى فى النار ادّعى على قرینه من الشیاطین فیقول قرینه رَبَّنا ما أَطْغَیْتُهُ کما زعم، وَ لکِنْ کانَ فِی ضَلالٍ بَعِیدٍ فصحبته على طغیانه و ضلاله قال ابن عباس و مقاتل و سعید بن جبیر: هذا القرین هو الملک ایضا یقول الکافر ربّ انّ الملک زاد علىّ فى الکتابة فیقول الملک رَبَّنا ما أَطْغَیْتُهُ یعنى ما زدت علیه و ما کتبت الا ما قیل او عمل، وَ لکِنْ کانَ فِی ضَلالٍ بَعِیدٍ طویل لا یرجع عنه الى الحق فیقول اللَّه تعالى: لا تَخْتَصِمُوا لَدَیَّ، فقد قضیت ما انا قاض، وَ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَیْکُمْ بِالْوَعِیدِ فى القرآن و انذرتکم و حذّرتکم على لسان الرسل فلا عذر لاحد عندى. قوله: لا تَخْتَصِمُوا لَدَیَّ، یقال هذا للکافر و قوله: ثُمَّ إِنَّکُمْ یَوْمَ الْقِیامَةِ عِنْدَ رَبِّکُمْ تَخْتَصِمُونَ یقال للمسلمین و هذا فى الموقف. و امّا قوله: إِنَّ ذلِکَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ فى جهنم.
قوله: ما یُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَیَّ اى لا تبدیل لقولى و هو قوله: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ و قیل هو اخلاد الکفار فى النار و قیل هو قوله: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها... الایة، اى لا یحرّف و لا یزاد و لا ینقص، و قال قوم معنى قوله: ما یُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَیَّ اى ما یغیّر القول عندى بالکذب لانّى اعلم الغیب و اعلم حقه من باطله و هذا قول الکلبى و اختیار الفرّاء لانه قال: ما یُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَیَّ، و لم یقل ما یبدّل قولى، وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِیدِ فاعاقبهم بغیر جرم.
یَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ اى انذرهم یوم نقول، کقوله: وَ أَنْذِرْهُمْ یَوْمَ الْحَسْرَةِ، قرأ نافع و ابو بکر یقول بالیاء اى یقول اللَّه لجهنم هَلِ امْتَلَأْتِ کما وعدتک یعنى فى قوله: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ و هذا السؤال من اللَّه عز و جل لتصدیق خبره و تحقیق وعده و التقریع لاهل عذابه و التنبیه لجمیع عباده، وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِیدٍ فیه قولان احدهما: انّها امتلات و صارت بحیث لا تنجع فیها ابرة تصدیقا لقول اللَّه عز و جل: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ فیکون استفهام انکار، اى لم یبق فىّ موضع زیادة
کقول النبى: هل ترک لنا عقیل من دار اى لم یترک، و هذا قول عطاء و مجاهد و مقاتل بن سلیمان. و القول الثانى: انها تستزید و الاستفهام بمعنى الاستزادة و هذا قبل دخول جمیع اهلها فیها، قال ابن عباس: ان اللَّه تعالى سبقت کلمته: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِینَ، فلمّا سیق اعداء اللَّه الى النار لا یلقى فیها فوج الا ذهب فیها و لا یملأها شی‏ء فتقول الست قد أقسمت لتملأنى فیضع قدمه علیها ثم یقول هَلِ امْتَلَأْتِ فتقول قط قط قد امتلأت فلیس فىّ مزید. و روى عن ابن عباس ایضا انه قال لم یکن یملأها شی‏ء حتى وجدت مسّ قدم اللَّه تعالى فتضایقت فما فیها موضع ابرة و دلیل هذا التأویل الخبر الصحیح و هو ما روى قتاده عن انس بن مالک قال: قال رسول اللَّه لا تزال جهنم یلقى فیها و تقول هل من مزید، حتى یضع رب العالمین فیها قدمه فینزوى بعضها الى بعض و تقول قط قط
و روى قد قد بعزتک و کرمک، و لا یزال فى الجنة فضل حتى ینشئ اللَّه خلقا فیسکنهم فضل الجنة، و فى روایة ابو هریرة قال رسول اللَّه: تحاقب الجنة و النار، فقالت النار أوثرت بالمتکبّرین و المتجبّرین و قالت الجنة فما لی لا یدخلنى الا ضعفاء الناس و سقطهم فقال اللَّه تعالى للجنة انما انت رحمتى ارحم بک من اشاء من عبادى، و قال للنار انما انت عذابى اعذّب بک من اشاء من عبادى.
و لکل واحدة منکما ملؤها فامّا النار فانّهم یلقون فیها وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِیدٍ فلا تمتلئ حتى یضع اللَّه تبارک و تعالى فیها رجله فتقول قط قط قط. فهنالک تمتلئ و ینزوى بعضها الى بعض و لا یظلم اللَّه من خلقه احدا و امّا الجنة فان اللَّه عز و جل ینشئ لها خلقا. قوله: وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِینَ غَیْرَ بَعِیدٍ اى قرّبت و ادنیت للذین یتّقون الشرک و الفواحش و هذا قبل الدخول، یرونها من قرب الى ان یدخلوها بعد الحساب و مثله: وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِینَ وَ بُرِّزَتِ الْجَحِیمُ لِلْغاوِینَ و هذا بعد الدخول اى قربت لهم مواضعهم فیها فلا یطلبون منها بعدا.
هذا ما تُوعَدُونَ، قرأ ابن کثیر: یوعدون بالیاء، اى یقال لهم هذا الذى ترونه ما توعدون فى الدنیا على السنة الانبیاء، لِکُلِّ أَوَّابٍ حَفِیظٍ هذا موضعه رفع بالابتداء ما تُوعَدُونَ صفته لِکُلِّ أَوَّابٍ خبره. الاوّاب الراجع من المعصیة الى الطاعة.
قال سعید هو الذى یذنب ثم یتوب ثم یذنب ثم یتوب و قال ابن عباس: هو المسبّح من قوله: یا جِبالُ أَوِّبِی مَعَهُ و قال قتادة: هو المصلّى، و الحفیظ هو الحافظ لأمر اللّه و قیل هو الذى حفظ ذنوبه حتى یرجع منها و یستغفر منها، و قیل حفیظ لما یسمع من کلام اللَّه و سنّة رسول اللَّه. و قیل یحفظ نفسه فلا یشرع فى معصیة و قیل الحفیظ المراقب المحافظ لاوقاته و همّاته و خطراته. قوله: مَنْ خَشِیَ الرَّحْمنَ بِالْغَیْبِ، محلّ من حفظ على نعت الاوّاب و المعنى من خاف الرحمن بالغیب. و لم یره و قیل من آمن بالبعث و الجزاء ذلک غیب. و قال السدى و الضحاک خَشِیَ الرَّحْمنَ فى الخلوة حیث لا یراه احد، وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِیبٍ مخلص مقبل الى طاعة اللَّه.
ادْخُلُوها بِسَلامٍ، اى یقال لاهل هذه الصفة ادخلوا الجنة بسلام اى بسلامة من العذاب و الهموم و من زوال النعم. و قیل بسلام من اللَّه و ملائکته علیهم، ذلِکَ یَوْمُ الْخُلُودِ امّا فى الجنة و امّا فى النار. و التقدیر ادخلوها خالدین ذلِکَ یَوْمُ الْخُلُودِ.
لَهُمْ ما یَشاؤُنَ فِیها، هذا کقوله: «ما تَشْتَهِیهِ الْأَنْفُسُ. وَ تَلَذُّ الْأَعْیُنُ».
وَ لَدَیْنا مَزِیدٌ بالواحد عشرا و قیل وَ لَدَیْنا مَزِیدٌ یعنى الزیادة لهم فى النعیم مما لم یخطر ببالهم و ذلک انّهم یسئلون اللَّه حتى تنتهى مسئلتهم فیعطون ما شاءوا، ثم یزیدهم اللَّه من عنده ما لم یسئلوه.
قال جابر و انس المزید ان یتجلّى لهم جل جلاله فینظرون الى وجه اللَّه الکریم و هو مثل قوله: لِلَّذِینَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى‏ وَ زِیادَةٌ و قیل یتجلّى لهم کل جمعة، و لهذا سمّى الجمعة یوم المزید. قوله: وَ کَمْ أَهْلَکْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ، اى من القرون الذین کذّبوا رسلهم هُمْ أَشَدُّ من قومک، بَطْشاً، قوّة و اقوى ابدانا و اشدّ سطوة على الناس، فَنَقَّبُوا فِی الْبِلادِ، اى ابعدوا فیها السیر و ابحثوا عن الاسباب و الامور. قال امرؤ القیس:
لقد نقّبت فى الافاق حتى
رضیت من الغنیمه بالایاب‏
هَلْ مِنْ مَحِیصٍ اى لم یجدوا محیصا من امر اللَّه و لم یجدوا مفرّا من الموت، تقول حاص عن الامر و حاد اى بعد. و قرء فى الشّواذ فنقّبوا مکسورة القاف مشدودة على الامر کقوله: فَسِیرُوا فِی الْأَرْضِ فَانْظُروا، و النقب الخرق و الدخول فى الشی‏ء.
و النقب الطریق ایضا، و المعنى ساروا فى طرقها حتى نقبت دوابهم اى صارت فى خفّها نقوب. و قیل هو من النقابة و هى الریاسة و النقباء فوق العرفاء.
إِنَّ فِی ذلِکَ اى فیما ذکر فى هذه السورة. و قیل فیما ذکر من العبر و اهلاک القرى، لَذِکْرى‏، اى تذکیرا و عظة، لِمَنْ کانَ لَهُ قَلْبٌ، اى عقل.
قال ابن عباس و کنّى عن العقل بالقلب لانّه موضعه و منبعه و تقول العرب مالک قلب اى مالک عقل. و فى الخبر لا یعجبنّکم اسلام رجل حتى تعلموا ما عقدة عقله.
و قال (ص) قد افلح من جعل اللَّه له عقلا، الناس یعملون بالخیر و انما یعطون اجورهم على قدر عقولهم.
و کان رسول اللَّه (ص) اذا بلغه عن رجل شدّة فى عبادة، سأل کیف عقله، فان قالوا حسن قال ارجوه و ان قالوا غیر ذلک، قال: لم یبلغ صاحبکم حیث تظنّون.
و عن ابى الدرداء انّ النبى (ص) قال یا عویمر ازدد عقلا تزدد من ربک قربا، قلت بابى و امّى یا رسول اللَّه و من لى بالعقل قال اجتنب مساخط اللَّه و ادّ فرائض اللَّه تکن عاقلا ثم تنفّل بالصالحات من الاعمال تزدد من ربک قربا و علیه عزّا.
و قیل لعمرو بن العاص ما بال قومک لم یؤمنوا و قد وصفهم اللَّه بالعقول. قال تلک عقول کادها اللَّه اى لم یصحبها التوفیق، أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ اى اصغى الى مواعظه و زواجره. القاء السمع و اصغاؤه صرفه کلّه الى القائل، وَ هُوَ شَهِیدٌ من الشهادة التی بها تثبت الحقوق. و المعنى و هو شاهد على ما یقرأ و یسمع فى کتاب اللَّه من نعت محمد (ص) و ذکره. و قیل شهید من الشهادة التی هى الحضور اى حاضر القلب و الفهم، لیس بغافل و لا ساه. و قال السدّى یسمع القرآن یتلى و هو شهید یعیه قلبه.
وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ اى اعیاء و تعب.
روى عکرمة عن ابن عباس: انّ الیهود اتت البنى (ص) فسأله عن خلق السماوات و الارض فقال خلق اللَّه الارض یوم الاثنین و خلق الجبال و ما فیها من المنافع یوم الثلاثاء و خلق الشجر و النبات و الماء و الاقوات یوم الاربعاء و خلق السماوات یوم الخمیس و خلق النجوم و الشمس و القمر و الملائکة یوم الجمعة. فقالت الیهود ثم ما ذا یا محمد قال: ثم استوى على العرش قالوا: قد اصبت لو اتممت، ثم استراح یوم السبت و استلقى على العرش، فانزل اللَّه تعالى هذه الایة ردّا علیهم‏
و قال قتادة فى الایة اکذب اللَّه عز و جل الیهود و النصارى و اهل القرى على اللَّه عز و جل، و ذلک انّهم قالوا انّ اللَّه عز و جل:
خلق السماوات و الارض و ما فیها فى ستّة ایام، ثم استراح یوم السابع و ذلک عندهم یوم السبت و هم یسمّونه یوم الراحة. و عن ابى مجلز انّ عمر بن الخطّاب دخل حائطا من حیطان المدینه فاستلقى و وضع احدى رجلیه على الأخرى، و کانت الیهود تفترى على اللَّه عز و جل و تقول انّ اللَّه لما فرغ من الخلق فعل هذا و قد قال اللَّه عز و جل: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما فِی سِتَّةِ أَیَّامٍ وَ ما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ و کان ناس من الناس یکرهونه حتى رأوا عمر فعله.
قوله: فَاصْبِرْ عَلى‏ ما یَقُولُونَ، اى على ما قالت الیهود، فانّ اللَّه لهم بالمرصاد. و قیل فاصبر على اذى الکفار و لا تستعجل عذابهم و هو منسوخ بآیة القتال، وَ سَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّکَ، اى صلّ بامر ربک و توفیقه قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، یعنى صلاة الظهر و العصر.
وَ مِنَ اللَّیْلِ فَسَبِّحْهُ، یعنى صلاة المغرب و العشاء. قال مجاهد: وَ مِنَ اللَّیْلِ یعنى صلاة اللیل اىّ وقت صلّى، وَ أَدْبارَ السُّجُودِ، قرأ ابن کثیر و حمزة و ادبار بکسر الهمزة و هو مصدر ادبر ادبارا، و الباقون بفتحها و هو جمع دبر و المعنى واحد لانّ انقضاء الشی‏ء انّما یکون بآخره و آخره انما یکون بانقضائه، و التقدیر وقت ادبار السجود.
قال عمر بن الخطاب و علىّ بن ابى طالب (ع) و الحسن و الشعبى و النخعى و الاوزاعى أَدْبارَ السُّجُودِ الرکعتان بعد صلاة المغرب و ادبار النجوم الرکعتان قبل صلاة الفجر.
و عن ابن عباس مرفوعا قال: قال رسول اللَّه (ص) یا ابن عباس رکعتان بعد المغرب ادبار السجود.
و قال انس: قال رسول اللَّه من صلّى بعد المغرب رکعتین قبل ان یتکلّم کتبت صلوته فى علّیّین.
قال انس یقرأ فى الرکعة الاولى: قُلْ یا أَیُّهَا الْکافِرُونَ و فى الأخرى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، قال عبد اللَّه بن مسعود ما احصى ما سمعت رسول اللَّه یقرأ فى الرکعتین بعد المغرب و فى الرکعتین قبل صلاة الفجر بقل یا ایها الکافرون و قل هو اللَّه احد.
و عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه (ص): رکعتا الفجر خیر من الدنیا و ما فیها
و قال مجاهد: قوله وَ أَدْبارَ السُّجُودِ هو التسبیح باللسان فى ادبار الصّلوات المکتوبات.
روى ابو هریرة قال: قال رسول اللَّه من سبّح فى دبر کلّ صلاة ثلثا و ثلثین و کبّر اللَّه ثلثا و ثلثین و حمد اللَّه ثلثا و ثلاثین فذلک تسعة و تسعون. ثم قال تمام المأة لا اله الّا اللَّه وحده لا شریک له له الملک و له الحمد و هو على کلّ شى‏ء قدیر. غفرت خطایاه و ان کانت مثل زبد البحر.
و فى روایة اخرى عن ابى هریرة: قالوا یا رسول اللَّه ذهب اهل الدثور بالدرجات و النعیم المقیم، قال و کیف ذلک؟ قالوا صلّوا کما صلّینا و جاهدوا کما جاهدنا و انفقوا من فضول اموالهم، و لیست لنا اموال. قال ا فلا اخبرکم بامر تدرکون من کان قبلکم و تسبقون من جاء بعدکم و لا یأتى احد بمثل ما جئتم به الّا من جاء بمثله، تسبّحون فى دبر کلّ صلاة عشرا و تحمدون عشرا و تکبّرون عشرا.
قوله: وَ اسْتَمِعْ، السمع ادراک المسموع و الاستماع طلب ادراک المسموع بالاصغاء الیه، یَوْمَ یُنادِ الْمُنادِ، اى صفة یوم ینادى، محذوف المضاف و هو مفعول به و لیس بظرف و المنادى هو الملک النافخ فى الصور و هو اسرافیل و النداء نفخه، سمّى نداء من حیث انّه جعله للخروج و الحشر و انّما یقع ذلک بالنداء کاذان المؤذّن و علامات الرحیل فى العساکر. و قیل هو النداء حقیقة، مِنْ مَکانٍ قَرِیبٍ یعنى صخرة بیت المقدس هى اقرب الارض من السماء بثمانیة عشر میلا و موضعها وسط الارض یقف علیها الملک و یضع اصبعیه فى اذنیه و ینادى ایّتها العظام النخرة و الاوصال البالیة و اللحوم المتمزّقة و الشعور المتفرّقة قومى الى محاسبة ربّ العزّة و سمّى قریبا لان کلّ انسان یسمعه من طرف اذنه. و قیل المنادى هو اللَّه، و المکان القریب الاذن.
یَوْمَ یَسْمَعُونَ الصَّیْحَةَ یعنى النفخة الاخیرة، بِالْحَقِّ، اى بما هو حقّ من الجزاء و الثواب و العقاب و قیل بِالْحَقِّ اى بالنداء المسمع و الامر النافذ، ذلِکَ یَوْمُ الْخُرُوجِ من القبور. قال ابو عبیدة: یوم الخروج من اسماء القیامة و سمّى یوم العید یوم الخروج ایضا تشبیها به.
إِنَّا نَحْنُ نُحْیِی، الخلق للبعث، وَ نُمِیتُ هم یعنى فى الدنیا، وَ إِلَیْنَا الْمَصِیرُ بعد الموت.
یَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً، جمع سریع اى یخرجون سراعا مسرعین، هذا کقوله: مُهْطِعِینَ إِلَى الدَّاعِ، ذلِکَ حَشْرٌ عَلَیْنا یَسِیرٌ هیّن یقول له: کُنْ فَیَکُونُ.
نَحْنُ أَعْلَمُ بِما یَقُولُونَ، هذا تعزیة للرسول (ص) و تصبیر له. یقول نحن اعلم بما یقول المشرکون من تکذیبک و الافتراء على ربک و نحن لهم بالمرصاد، وَ ما أَنْتَ عَلَیْهِمْ بِجَبَّارٍ، هذا عذر للرسول (ص) کقوله: لَسْتَ عَلَیْهِمْ بِمُصَیْطِرٍ، و المعنى ما أَنْتَ عَلَیْهِمْ بمسلّط تجبرهم على الاسلام انّما بعثت مذکّرا محذّرا یقال اجبر فهو جبّار کادرک فهو درّاک و قیل الجبّار من قولهم جبرته على الامر بمعنى اجبرته و هى لغة کنانة و هما لغتان و الجبّار فى اسم اللَّه عز و جل هو الذى جبر العباد على ما اراد، و الجبّار من النخل هو الطویل الغلیظ، فَذَکِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ یَخافُ وَعِیدِ هذا کقوله عز و جل: إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّکْرَ وَ خَشِیَ الرَّحْمنَ بِالْغَیْبِ، اى انّما تنذر فیقبل من اتّبع الذکر و خشى الرحمن قال ابن عباس: قال المؤمنون یا رسول اللَّه لو خوّفتنا و ذکّرتنا فانزل اللَّه تعالى: فَذَکِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ یَخافُ وَعِیدِ.